مؤتمر عدم الإنحياز القوة الثالثة
د.نسيب حطيط
ينعقد مؤتمر القمة لمنظومة دول (عدم الإنحياز) في إيران,في لحظة مفصليّة على الصعيد الدولي عامة و منطقة الشرق الأوسط الخامة تشابه مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية , و ما نتج عنها من تقسيم للدول(المانيا...)أو إستعمار و إحتلال أو قيود مؤبدة (اليابان...)
و تعتبر منظومة دول عدم الإنحياز, إحدى نتائج الحرب العالمية الثانية على الصعيد السياسي حيث تشكلت في عام 1955 في مؤتمر باندونغ بجهد مشترك بين الزعيم الهندي نهرو و والرئيس اليوغسلافي تيتو و المصري جمال عبد الناصر, لتشكيل قوة من دول العالم المسمى بالعالم الثالث او الدول النامية، بعيداعن الإصطفافات السياسيّة ذات الأذرع العسكرية مثل حلف الناتو (أميركا و أوروبا)و حلف وارسو(الإتحاد السوفياتي و الدول الإشتراكية) و يمكن القول أن هذه المنظومة لم تستطع إحداث تأثيرات مفصلية أو رقابة كاملة على النزاعات , بل مثلت إعتراضاً صادقاً وسلميا على الحرب الباردة و الساخنة بين المحورين الغربي و الشرقي .
إن إنعقاد القمة برئاسة إيران للفترة الممتدة حتى العام 2015 يمثل فرصة سياسية دبلوماسية لإيران, تساهم في مقاومة الحصار و الحرب الإقتصادية ضدها و ضد حلفائها في محور المقاومة و الممانعة، والذي توسع ليصبح محور مواجهة المشروع الأميركي و ملحقاته ،و إسقاط منظومة القطب الواحد الأميركي أو بشكل أوضح محور إسقاط الإمبراطورية الأميركية بعد إنضمام روسيا و الصين و مجموعة دول البريكس إلى دائرة المواجهة للدفاع عن نفسها و مواجهة ما تحضره أميركا لها خاصة روسيا عبرتحشيد الجماعات السلفية في شمال القوقاز و دعم المعارضة الداخلية .و الصين (الأقلية الإسلامية و وقضية التيبت ... ).
إن انعقاد مؤتمر القمة لدول عدم الإنحياز في إيران يحقق عدة مكتسبات على المستوى الإيراني أولاً و على مستوى المحور المتحالف معها ومن هذه الأحداث:
- كسر عزلة إيران السياسية على الصعيد الدولي حيث ستشارك أكثر من ثماني دولة منها أكثرمن ثلاثين دولة على مستوى الرؤساء والزعماء.
- إلغاء وتسخيف الإتهام الأميركي لإيران بأنها دولة خارجة عن القانون الدولي ومؤسساته عبر حضور الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون )وممثلي المنظمات الإقليمية .
- مشاركة الرئيس المصري كممثل لحركة الأخوان المسلمون على الصعيد النظام الرسمي بما يحاصر الى حد ما المخطط الأميركي –الصهيوني الداعي الى تأجيج الفتنة المذهبية في العالم الإسلامي وتغليب مبدأ الحوار والدعوة الحسنة.
- مشاركة بعض دول الخليج مما يخفف من حالة ألإحتقان بينها و بين إيران في الأحداث في البحرين و السعودية .
- حشد مظاهرة دولية سياسية مقابل الغطرسة الأمريكية و حلفائها الذين يعملون على إنتاج مؤتمرات و منظمات (غب الطلب) (مؤتمر أصدقاء سوريا ) كمحاولة التفافية على خسارتهم لمجلس الأمن بعد التصدي الروسي –الصيني المشترك.
إعطاء الأوكسجين الدولي والإسلامي لما بدأ في مؤتمر مكة الإسلامي لمشروع كسر الجليد و فتح قنوات الإتصال بين القوى المؤثرة في المنطقة وخاصة في سورية, و محاولة إيرانية بالتنسيق مع حلفائها و بالتشاور مع السعودية و تركيا و مصر لإطلاق مبادرة شاملة للجم العنف في سوريا بشكل متواز مع بدء الحوار و ترتكز المبادرة الإيرانية وفق بعض المعلومات على التالي:
تشكيل مجموعة إتصال من (إيران-تركيا-مصر-السعودية) مع الأخضر الإبراهيمي كممثل للأمم المتحدة و الجامعة العربية .
إعلان وقف الأعمال العسكرية من كل الأطراف (الحكومة و المعارضة ) مع الإحتفاظ بمواقع التواجد لكل طرف مع منع عمليات التسليح للمعارضة السورية.
إيصال المساعدات الإنسانية و الإغاثية إلى المحتاجين و عدم العرقلة من أي طرف .
تعيين ممثلين عن فصائل المعارضة السورية للتحاور مع الحكومة السورية بحضور و رعاية مجموعة إلإتصال وفق محاور و عناوين محددة قبل الحوار مع أفضلية أن يكون مقر الحوار في سوريا مع ضمانات من الحكومة السورية بعدم التعرض لأي كان دون إعتراض أو إستبعاد لأي طرف معارض في الداخل أو الخارج .
تحديد فترة الحوار بمهلة أقصاها شهرين من تاريخ البدء،للوصول الى نتائج ملموسة وبدون شروط مسبقة ماعدا ضرورة وقف اطلاق النار حماية للمدنيين .
إن الهدف الإيراني الأساس هو إعادة الحياة لمنظومة عدم الإنحياز ،وتطويرها لتكون ( قوة ثالثة ) تضاف الى منظومة دول (البريكس) وحلف (الناتو) بشقيه السياسي والعسكري ،لتأكيد انتهاء عصر القطب الأميركي الواحد ،وبدء مرحلة العالم المتعدد الأقطاب ،لمواجهة الإستعمار الجديد الزاحف على شعارات الديمقراطية وحرية الرأي المزيفة والخادعة